>>قيل: "كان في خزانة النعمان بن المنذر ديوان جمع فيه الشعر الذي قيل في ملوك المناذرة"، ومع أن المعلومة بقيت، فإن الديوان نفسه لم يبق مجموعا وضاع مع الأيام، إلى أن قيض الله له أن يُبعَث على يد الدكتورة نزهة بوعياد بعد خمسة عشر قرنا.
إن صناعة هذا الديوان ستسد ثغرة استمرت منذ قرون، أي أن الباحثين والطلاب سيوفرون الجهد والوقت بالاستعانة به عند البحث عوض الرجوع إلى أشعار في مظانها الكثيرة من دواوين ومجاميع، علما أن بعض الشعراء لا دواوين لهم ونتفهم الشعرية مبعثرة بين كثير من المصادر...
ويظهر جهد الباحثة فيما يلي:
1- جمع الأشعار من الدواوين والمصادر مضبوطة بالشكل التام.
2- تصنيفها حسب الأغراض الشعرية مع ذكر وزنها العروضي.
3 - ترتيبها ترتيبا تاريخيا.
4 - ذكر مطلع القصيدة وذكر بنائها ثم اختيار غرضها المقصود في بابه.
5- وضع هوامش مفيدة ووافية لشرح المفردات والعبارات.
6 - وضع جداول إحصائية دقيقة ومفيدة جدا للباحثين تيسر لهم الحصول على بغيتهم بيسر.
إن الشغل الذي قامت به الدكتورة نزهة بوعياد هو عمل كبير ومفيد، يدل على ذوق سليم ورفيع حسب القول المأثور" إن الاختيار يدل على المختار".
إن الشعر الجاهلي كنز لا يفنى ولا يستطيع أن ينقب عنه سوى خبير متمرس في هذه الصناعة على حد قول ابن سلام الجمحي:" وللشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم والصناعات: منها ما تثقفه العين، ومنها ما تثقفه الأذن، ومنها ما تثقفه اليد، ومنها ما يثقفه اللسان" مقدمة طبقات فحول الشعراء.
إن الدكتورة نزهة بوعياد عالمة بصناعة الشعر وثقافته وصناعته، بل هي عاشقة له تقرأه بالعين والأذن واليد واللسان، بل هي شاعرة بكل حواسها وأنا من الشاهدين على ذلك.
هنيئا لنا بهذا المولود وبمبدعته التي أعادتنا إلى الزمن الجميل ...زمن إبداع اللغة العربية وعبقريتها...<<
الدكتور محمد بلاجي